كتاب القضاء والقدر للأشقر

وأما إطلاق الجبر مراداً به أن الله جعل العباد مريدين لما يشاء منهم مختارين له من غيره إكراه فهذا صحيح، وقال بعض السلف في معنى الجبار: هو الذي جبر العباد على ما أراد (¬1) .
ولما كان لفظ الجبر لفظ مجمل يطلق على هذا وهذا منع السلف من إطلاقه نفياً أو إثباتاً.
ذكر شيخ الإسلام عن أبي بكر الخلال في كتابه (السنة) أن المروذي قال للإمام أحمد: يا أبا عبد الله، رجل يقول إن الله أجبر العباد، فقال: هكذا لا نقول، وأنكر ذلك وقال: يُضلُّ الله من يشاء ويهدي من يشاء.
وذكر عن المروذي أن رجلاً قال: إن الله لم يجبر العباد على المعاصي، فرد عليه آخر، فقال: إن الله جبر العباد، أراد بذلك إثبات القدر، فسألوا عن ذلك أحمد بن حنبل، فأنكر عليهما جميعاً على الذي قال جَبَر، وعلى الذي قال لم يجبر حتى تاب، وأمره أن يقول: يضل من يشاء ويهدي من يشاء.
وذكر عن إسحاق الفزاري قال: جاءني الأوزاعي فقال: أتاني رجلان فسألاني عن القدر، فأجبت أن آتيك بهما تسمع كلامهما وتجيبهما.
قلت: رحمك الله، أنت أولى بالجواب.
قال: فأتاني الأوزاعي ومعه الرجلان، فقال: تكلما.
فقالا: قدم علينا ناس من أهل القدر، فنازعونا في القدر ونازعناهم
¬_________
(¬1) راجع: مجموع فتاوى شيخ الإسلام: 8/464.

الصفحة 80