كتاب القضاء والقدر للأشقر

من غير سبب، وأن الزرع يحصل من غير ماء ولا تراب، وأن الشبع يحدث من غير طعام، والري يكون من غير تناول شراب.
والنصوص الدالة على هذا الذي شرحناه وبيناه كثيرة وافرة.
ونصوص الكتاب والسنة حافلة بالأمر باتخاذ الأسباب المشروعة في مختلف شؤون الحياة، فقد أمرت بالعمل والسعي في طلب الرزق، واتخاذ العدة لمواجهة الأعداء، والتزود للأسفار.
قال تعالى: (فإذا قُضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله) [الجمعة: 10] وقال: (فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه) [الملك: 15] وقال: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم) [الأنفال: 60] وأمر المسافرين للحج بالتزود (وتزودا فإن خير الزاد التقوى) [البقرة: 197] وأمر بالدعاء والاستعانة (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم) [غافر: 60] (قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا) [الأعراف: 128] .
وأمر باتخاذ الأسباب الشرعية التي تؤدي إلى رضوانه وجنته كالصلاة والصيام والزكاة والحج.
وحياة الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، بل حياة المرسلين جميعاً والسائرين على نهجهم كلها شاهدة على أخذهم بالأسباب، والجد والاجتهاد في الأعمال.
إن الأخذ بالأسباب هو من قدر الله تبارك وتعالى، وليس مناقضاً للقدر ولا منافياً له.
وقد فقَّه الرسول صلى الله عليه سلم بمعنى القدر، وأنه لا يُوجبُ ترك العمل،

الصفحة 84