كتاب القضاء والقدر للأشقر

فقال آدم: أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالاته وبكلامه، وأعطاك الألواح فيها تبيان كل شيء، وقربك نجياً، فبكم وجدت الله كتب التوراة قبل أن أخلق؟
قال موسى: بأربعين عاماً.
قال آدم: فهل وجدت فيها: وعصى آدم ربه فغوى؟
قال: نعم.
قال: أفتلومني على أن عملت عملاً كتبه الله عليّ أن أعمله قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟
قال رسول الله فحج آدم موسى " (¬1) .
وليس في هذا الحديث حجة للذين يحتجون بالقدر على القبائح والمعايب، فآدم عليه السلام لم يحتج بالقضاء والقدر على الذنب، وموسى عليه السلام لم يلم أباه آدم على ذنب تاب منه، وتاب الله عليه منه واجتباه وهداه، وإنما وقع اللوم من موسى على المصيبة التي أخرجت آدم وأولاده من الجنة.
فاحتج آدم بالقدر على المصيبة، لا على الخطيئة، فإن القدر يحتج به عند المصائب لا عند المعايب (¬2) .
¬_________
(¬1) رواه مسلم: 4/2043 ورقم الحديث 2652. وللحديث عند مسلم عدة روايات، وقد رواه البخاري أيضاً في مواضع من كتابه. ورواه أبو داود والترمذي في سننهما. انظر روايات الحديث في جامع الأصول: (10 /124) .
(¬2) شرح الطحاوية: ص154. وأجاب بهذا الجواب شيخ الإسلام أيضاً: انظر شفاء العليل: ص 35.

الصفحة 91