إلى أعدائه ، طمعا في الدنيا . فما زاده كل ما ذكرته من ذلك إلا تماديا في الباطل .
ثم جرى في المجلس ذكر بنات النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ، زينب ، ورقية ، وأم كلثوم ، فقال بعضهم : إن الرواة لينكرون أنهن بنات خديجة من رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ .
فقلت : هن بناتها منه ، إلا أن ذكر فَاطِمَة رَضِىَ الله عَنْها في الأخبار أشهر ، وفضائلها في الروايات أكثر .
فانتدب بعض من اختلف إلي قديما ، وطالت ملازمته لي للتقرب بالنصب إلى بعض الحاضرين بأن قال : هذا مُحَمَّد بن إسماعيل البخاري ، قد روى في الجامع الصحيح حديثا لعروة بن الزبير ، عن أسامة بن زيد أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قال : خير بناتي زينب .
فقلت : هذا الحديث في أي موضع من الجامع ذكره البخاري ؟
فقال : في كتاب الفضائل .
فقلت بحضرة الجماعة : ألا تعلم أني جمعت هذا الكتاب أربع مرات ، صنفته أولا على الرجال من الصحابة ، ثم نقلت الرقاع ، ثم هذبته على الرجال ، ثم رتبته وأمليته عليك وكتبت بإملائي ؟
قال : نعم .
قلت : فوالله ما مر بي هذا الحديث في الكتاب قط .
فقال الصدر - المتقرب إليه بذلك - للذي ذكر هذا الخبر : جزاك الله عنا خيرا ، فالآن ظهر لي وصح عندي أنك سني ، متعصب للسنة .
فقمت إلى بيت الكتب ، وأخرجت كتاب الفضائل من الجامع ، فلم أجد فيه من فضائل النساء غير خديجة ، وفَاطِمَة ، وعَائِشَة ، رَضِىَ الله عَنْهن ، فحملت الكتاب إلى المجلس ودفعته إلى الذي ذكر الحديث .
فقلت : هذا الفضائل ، فاطلب فيه حديث أسامة ، فإني قد طلبته فلم أجده .
فأخذ يتصفح مرة بعد أخرى ، ثم قال : لعله في غير الفضائل ، فإني لا أشك أنه في الكتاب ؟