ذكر فضيلة أخرى لفَاطِمَة بنت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ، والبيان أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ باهل بها وابنيها حين أمر بالمباهلة :
54- أَخْبَرَنَا أبو عبد الله مُحَمَّد بن عبد الله الصنعاني بمكة ، حَدَّثَنَا علي بن المبارك الصنعاني ، حَدَّثَنَا أبو عبد الله زيد بن المبارك الصنعاني ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن ثوب ، عن ابن جريح ، في قوله تعالى : {إنّ مثل عيسى عند الله كمثل آدم } [ آل عمران : 59 ] قال : بلغنا أنّ نصارى نجران قدم وفدُهم على النبي عليه الصَّلاة والسَّلام المدينة ، فيهم السيد والعاقبُ ، وأخبرت أن معهما عبد المسيح ، وهما سيدا أهل نجران ، فقالوا : يا مُحَمَّد ، فيما تشتمُ صاحبنا ؟ قال : ومن صاحبكم ؟ قالوا : عيسى ابن مريم ، تزعم أنه عبد ! قال النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ : أجل ، هو عبدُ الله وكلمته ألقاها إلى مريم ، فغضبوا ، وقالوا : إن كنت صادقًا فأرنا عبدًا يحيي الموتى ، ويبرئ الأكمه والأبرص ، ويخلق من الطين كهيئة الطير ، ولكنه الله . فسكتَ النبي عليه السَّلام حتى جاءه جبريل ، صلوات الله عليه ، فقال : يا مُحَمَّد : { لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ } [ المائدة : 17 ] هذه الآية .
قال النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ : إنهم قد سألوني أن أخبرَهم بمثَل عيسى. قال جبريل عليه السَّلام : {إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب} حتى {فمن حاجك فيه} في عيسى يا مُحَمَّد { من بعد} هذا {فقل تعالوا} الآية { إن هذا لهو القصص الحق } أي : الذي قلنا في عيسى لهو القصص { وما من إله إلا الله } هذه الآية ، فأخذ النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بيد علي ، وحسن ، وحسين ، وجعلوا فَاطِمَة وراءهم ، ثم قالوا : هؤلاء { أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين } [ آل عمران 61 - 62 ] فأتى السيد وقالوا : نصالحك ، فصالحوه على ألفي حلة ، فقال النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: والذي نفسي بيده لو لاعنوني ما حال الحول ومنهم بشر إلا أهلك الله الكاذبين .