فالصواب: أن الإسراء والمعراج حدث مرة واحدة والنبي - صلى الله عليه وسلم - في مكة قبل الهجرة، وفرضت عليه الصلوات الخمس، وقد اتفق أهل العلم: أن الصلوات الخمس قد فرضت عليه وهو في مكة قبل الهجرة، والمشهور أن ذلك قبل الهجرة بثلاث سنوات، وقيل: بأقل، وقيل: بأكثر. (¬1)
وفي قصة الإسراء والمعراج الدلالة على عظم شأن الصلاة حيث فرضت على النبي - صلى الله عليه وسلم - بلا واسطة وفرضت عليه وهو في أعلى المقامات فوق السماوات.
وفي قصة الإسراء والمعراج دلالة على علو الله تعالى على خلقه، فإنه عرج به إلى ربه، كما قال تعالى: ((تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ)) [المعارج: 4] الملائكة والأرواح تعرج إلى الله؛ لأنه في العلو.
وفيها إثبات صفة الكلام والتكليم لله تعالى، وتكليمه لنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - بلا واسطة.
وفي ذلك فضيلة لنبينا - صلى الله عليه وسلم - حيث أكرمه الله ورفعه على سائر النبيين والمرسلين، حتى تجاوز كل الأنبياء، حتى إبراهيم عليه السلام لقيه في السماء السابعة وتجاوز إلى مكان فوق ذلك يسمع فيه صريف الأقلام. (¬2)
سبحان الله مع هذه الأبعاد العظيمة يتم هذا في ليلة، هذا أمر خارق، ولا تقل: كيف؟
الآن أتَى الله للناس بشيء ما كان يخطر ببالهم، هذا الصوت الآن في أقصى الدنيا، يقول لك: السلام عليكم، فتقول: وعليكم السلام، فتسمعه وترد عليه، والذين يصعدون في المراكب الفضائية أيضًا مع البعد العظيم الذي تنتهي إليه تلك المراكب، يتكلمون مع من يكلمهم
¬_________
(¬1) التمهيد 8/ 48.
(¬2) رواه البخاري (349)، ومسلم (163) من حديث ابن عباس وأبي حَبَّة الأنصاري رضي الله عنهما.