كتاب الداء والدواء = الجواب الكافي ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

وذكر عبد الله بن أحمد في كتاب الزهد لأبيه (¬1) عن محمَّد بن سيرين: أنّه لمّا ركبه الدَّينُ اغتمّ لذلك، فقال: إنّي لأعرفُ هذا الغمَّ بذنب أصبتُه منذ أربعين سنة! وها هنا نكتة دقيقة يغلط فيها الناس في أمر الذنب، وهي أنّهم لا يرون تأثيرَه في الحال، وقد يتأخّر تأثيره فيُنسَى (¬2)، ويظنّ العبد أنه لا يغبِّر (¬3) بعد ذلك، وأنّ الأمر كما قال القائل:
إذا لم يغبِّرْ حائطٌ في وقوعه ... فليس له بعد الوقوع غبارُ (¬4)
وسبحان الله! ماذا (¬5) أهلكت هذه البليّة (¬6) من الخلق! وكم أزالت من نعمة! وكم جلبت من نقمة!
وما أكثر المغترّين بها من العلماء، فضلا عن الجهال! ولم يعلم (¬7) المغترّ أنّ الذنب ينقُض، ولو بعد حين، كما ينقُض السمّ، وكما ينقُض الجرح المندمل على الغِشّ والدَّغَل.
¬__________
(¬1) لم أقف عليه في المطبوع، وهو ناقص. والأثر أخرجه أبو نعيم في الحلية (2/ 271) وابن عساكر في تاريخه (53/ 226)، وهو ثابت عنه. وانظر ذم الهوى (170).
(¬2) "فينسى" ساقط من ز. وفي ف: "فينسى فيظن".
(¬3) "لا يغبّر": لا يثير الغبار، يعني لا يرى أثر الذنب بعد ذلك. وفي ف: "لا يغير" بالياء، ولعله تصحيف، فإن عبارة المؤلف ناظرة إلى البيت الآتي.
(¬4) س: "بوقوعه".
(¬5) س: "فإذا"، تحريف. ف: "ما"، ل: "ما هذا".
(¬6) ل، ز: "النكتة"، تصحيف. انظر الصواعق المرسلة (445).
(¬7) ز: "ولو يعلم".

الصفحة 130