كتاب الداء والدواء = الجواب الكافي ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

الليل البهيم إذا ادلهمَّ، فتصير ظلمةُ المعصية لقلبه كالظلمة الحسّية لبصره. فإنّ الطاعة نور، والمعصية ظلمة، وكلّما قويت الظلمة ازدادت حيرته، حتّى يقع في البدع والضلالات والأمور المهلكة، وهو لا يشعر، كأعمى خرج في ظلمة الليل يمشي وحده. وتقوى هذه الظلمة حتى تظهر في العين، ثم تقوى حتى تعلو الوجه وتصير سوادًا فيه (¬1) يراه كلّ أحد.

قال عبد الله بن عباس (¬2): إنّ للحسنة ضياءً في الوجه، ونورًا في القلب، وسعة في الرزق، وقوةً في البدن، ومحبةً في قلوب الخلق. وإنّ للسيئة سوادًا في الوجه، وظلمةً في القلب، ووهنًا في البدن، ونقصًا في الرزق، وبغِضةً في قلوب الخلق (¬3).
¬__________
(¬1) ز: "في الوجه".
(¬2) قارن بما نقله المصنف عن ابن عباس وأنس في روضة المحبين (586).
(¬3) لم أقف عليه. وقد ورد نحوه عن الحسن البصري ومالك بن دينار وإبراهيم بن أدهم وأنس بن مالك مرفوعًا.
فأما الحسن، فأخرج قوله ابن أبي الدنيا في التوبة (197،193) والبيهقي في الشعب (6826) وغيرهما بلفظ "إن الرجل ليعمل الحسنة فتكون نورًا في قلبه، وقوة في بدنه. وإن الرجل ليعمل السيئة فتكون ظلمة في قلبه، ووهنًا في بدنه". هذا لفظ ابن أبي الدنيا، وسنده صحيح.
وأما مالك بن دينار، فأخرج كلامه أحمد في الزهد (1876) بلفظ "إن لله تبارك وتعالى عقوبات في القلوب والأبدان، وضنكًا في المعيشة، وسخطًا في الرزق، ووهنَا في العبادة".
وأما إبراهيم بن أدهم فقال: "إن للذنوب ضعفًا في القوة، وظلمةً في القلب وإن للحسنات قوة في البدن ونورًا في القلب". أخرجه البيهقي في الشعب (6827).
وأما حديث أنس بن مالك، فذكره ابن أبي حاتم في العلل (1909) وقال: "هذا حديث منكر، وأبو سفيان مجهول".

الصفحة 135