كتاب الداء والدواء = الجواب الكافي ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

وهذا الضرب من الناس لا يُعافَون، وتسدّ عليهم طريق التوبة، وتغلق (¬1) عنهم أبوابها في الغالب، كما قال النبي- صلى الله عليه وسلم -: "كل أمتي معافىً إلا المجاهرين. وإنّ من الإجهار أن يستر الله على العبد، ثم يُصبِح (¬2) يفضَح نفسه، ويقول: يا فلان عملتُ يوم كذا وكذا: كذا وكذا، فيهتك
نفسَه، وقد بات يستره ربه" (¬3).
ومنها: أنّ كل معصية من المعاصي فهي ميراث عن أمة من الأمم التي أهلكها الله عز وجل. فاللوطية: ميراث عن قوم لوط. وأخذُ الحق بالزائد، ودفعُه بالناقص: ميراث عن قوم شعيب. والعلو في الأرض
والفساد: ميراث عن فرعون وقومه (¬4). والتكبّر والتجبر: ميراث عن قوم هود. فالعاصي لابس ثيابَ بعض هذه الأمم، وهم أعداء الله.
وقد روى عبد الله بن أحمد في كتاب الزهد (¬5) لأبيه عن مالك بن، دينار قال: أوحى الله إلى نبيّ من أنبياء بني إسرائيل أنْ قل لقومك: لا تدخلوا مداخل أعدائي، ولا تلبسوا ملابس أعدائي، ولا تركبوا مراكب أعدائي، ولا تطعموا مطاعم أعدائي؛ فتكونوا أعدائي، كما هم
¬__________
(¬1) س: "يسدّ ... ". ز: "يسدّ ... ويغلق".
(¬2) ز: "فيصبح".
(¬3) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. أخرجه البخاري في الأدب، باب ستر المؤمن على نفسه (6069)؛ ومسلم في الزهد، باب النهي عن هتك الإنسان ستر نفسه (2990).
(¬4) ما عدا س: "قوم فرعون".
(¬5) لم أقف عليه، والذي فيه برقم 523 من قول عقيل بن مدرك السلمي. وأخرجه ابن أبي الدنيا في الأمر بالمعروف (73) وأبو نعيم في الحلية (2/ 371) من قول مالك بن دينار.

الصفحة 142