كتاب الداء والدواء = الجواب الكافي ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

بمعاصي الله، ولا يستخِفا به الخلق؟
وقد أشار سبحانه إلى هذا (¬1) في كتابه عند ذكر عقوبات الذنوب، وأنه أركس أربابَها بما كسبوا، وغطّى على قلوبهم، وطبع (¬2) عليها بذنوبهم، وأنّه نسيهم كما نسوه، وأهانهم كما أهانوا دينه، وضيّعهم كما [33/ ب] ضيّعوا أمره.
ولهذا قال تعالى في آية سجود المخلوقات له: {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} [الحج: 18]، فإنهم (¬3) لما هان عليهم السجود له، واستخفّوا به، ولم يفعلوه، أهانهم، فلم يكن لهم من مُكرِمٍ بعد أن أهانهم. ومن ذا يكرِم من أهانه الله، أو يهين من أكرمه الله (¬4)؟

فصل
ومن عقوباتها: أنّها تستدعي نسيانَ الله لعبده، وتركَه، وتخليتَه بينه وبيّن نفسه وشيطانه. وهناك الهلاك الذي لا يرجى (¬5) معه نجاة.
قال قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (19)} [الحشر: 18 - 19].
فأمر (¬6) بتقواه، ونهى أن يتشبّه عباده المؤمنون بمن نسيَه بترك
¬__________
(¬1) "إلى هذا" ساقط من ز.
(¬2) ف: "فطبع".
(¬3) ز: "فإنه". وفي س: "كأنهم"، تحريف.
(¬4) ف: "أكرم الله".
(¬5) س: "لا ترجى".
(¬6) ف: "فأمر الله".

الصفحة 172