كتاب الداء والدواء = الجواب الكافي ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

فصل
ومن عقوباتها: ما يلقيه الله سبحانه من الرعب والخوف في قلب العاصي، فلا تراه إلاّ خائفًا مرعوبًا.
فإنّ الطاعة حصن الله الأعظم الذي من دخله كان من الآمنين من عقوبة الدنيا والآخرة، ومن خرج عنه أحاطت به المخاوف من كل جانب. فمن أطاع الله انقلبت المخاوفُ في حقّه أمانًا، ومن عصاه
انقلبت مآمِنُه (¬1) مخاوفَ. فلا تجد العاصي إلا وقلبُه كأنّه بين جناحَي طائرٍ، إنْ حرّكت الريحُ الباب قال: جاء الطلب، وإن سمع وقعَ قدَمٍ خاف أن يكون نذيرًا بالعطب. يحسب كل صيحةٍ عليه، وكل مكروه قاصدًا (¬2) إليه. فمن خاف الله آمنه من كلّ شيء، ومن لم يخف الله أخافه من كلّ شيء.
بذا قضى اللهُ بين الناس مذ خُلِقوا ... أنّ المخاوفَ والإجرامَ في قَرَنِ

فصل (¬3)
ومن عقوباتها: أنها تُوقعُ الوحشةَ العظيمةَ في القلب، [36/ أ] فيجد المذنب نفسَه مستوحشًا، قد وقعت الوحشة بينه وبيّن ربه، وبينه وبيّن الخلق، وبينه وبيّن نفسه. وكلّما كثرت الذنوب اشتدّت الوحشة. وأمرُّ
¬__________
= وانظر أيضًا تاريخ دمشق (51/ 103). وهما مع أبيات أخرى في الديوان المنسوب إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه (138).
(¬1) ف: "المآمن".
(¬2) ما عدا س: "قاصد". وسقط "وكل" من ف.
(¬3) في ط لا يوجد "فصل" هنا.

الصفحة 182