كتاب الداء والدواء = الجواب الكافي ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

ولكن يعرض ها هنا للنفوس غلط عظيم، وهو أنّ العبد قد ينزل نزولًا بعيدًا أبعدَ مما (¬1) بين المشرق والمغرب ومما (¬2) بين السماء والأرض، فلا يفي صعودُه ألفَ درجة بهذا النزول الواحد، كما في الصحيح عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إنّ العبد لَيتكلّم بالكلمة الواحدة، لا يلقي لها بالًا، يهوي بها في النار أبعدَ مما بين المشرق والمغرب" (¬3).
فأيُّ صعود يوازي (¬4) هذه النزلة؟.
والنزول أمر لازم للإنسان، ولكن من الناس من يكون نزوله إلى غفلة، فهذا متى (¬5) استيقظ من غفلته عاد إلى درجته، أو إلى أرفع منها بحسب يقظته.
ومنهم من يكون نزوله إلى مباح لا ينوي به الاستعانة (¬6) على الطاعة. فهذا متى رجع إلى الطاعة (¬7) فقد يعود إلى درجته، وقد لا يصل إليها، وقد يرتفع عنها. فإنه قد يعود أعلى همةً مما كان (¬8)، وقد يكون أضعف همةً، وقد تعود همته كما كانت.
¬__________
(¬1) ز: "أبعدما".
(¬2) ف، ز: "وما".
(¬3) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. أخرجه البخاري في الرقاق، باب حفظ اللسان (6477)؛ ومسلم في الزهد، باب حفظ اللسان (2988).
(¬4) ف، س: "يوازن".
(¬5) س: "هذا متى". ز:"فهذا إذا".
(¬6) ف: "إلا الاستعانة".
(¬7) "فهذا ... الطاعة" ساقط من ف.
(¬8) ف: "يعود على همة أقوى مما كان".

الصفحة 206