كتاب الداء والدواء = الجواب الكافي ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

ومنهم من يكون نزوله إلى معصية: إما صغيرة أو كبيرة (¬1)، فهذا يحتاج في عوده إلى درجته إلى توبة نصوح دانابة صادقة.
واختلف الناس: هل يعود بعد التوبة (¬2) إلى درجته التي كان فيها، بناءً على أنّ التوبة تمحو أثر الذنب، وتجعل وجوده كعدمه، فكأنّه لم يكن؛ أو لا يعود بناءً على أنّ التوبة تأثيرها في (¬3) إسقاط العقوبة، وأما الدرجة التي فاتته فإنّه لا يصل إليها (¬4)؟
قالوا (¬5): وتقرير ذلك أنّه كان مستعدًّا باشتغاله بالطاعة في الزمن الذي عصى فيه لصعود آخر، وارتفاعُه (¬6) بجملة أعماله السالفة بمنزلة كسب الرجل كلّ يوم بجملة ماله الذي يملكه، وكلّما تضاعف المال تضاعف الربح. فقد راح عليه في زمن المعصية ارتفاع وربح بجملة أعماله، فإذا (¬7) استأنف العمل استأنف صعودًا من نزول، وكان قبل ذلك صاعدًا من صعود (¬8)، وبينهما بون عظيم.
قالوا: ومَثَلُ ذلك رجلان مرتقيان في سلّمين لا نهاية لهما، وهما سواء، فنزل أحدهما إلى أسفل ولو درجةً واحدة، ثم استأنف الصعود،
¬__________
(¬1) ف: "كبيرة أو صغيرة".
(¬2) ف: "بالتوبة". ووقع "بعد التوبة" في ز بعد "فيها".
(¬3) س: "على".
(¬4) قد أفاض المؤلف الكلام في هذه المسألة في طريق الهجرتين (506 - 454) وانظر المدارج (1/ 291 - 294).
(¬5) "قالوا" لم يرد في س.
(¬6) ما عدا س: "وارتقاء".
(¬7) ز: "واستأنف".
(¬8) ما عدا س: "من علو".

الصفحة 207