كتاب الداء والدواء = الجواب الكافي ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

رضيعَي لِبانٍ ثديَ أم تقاسما ... بأسحمَ داجٍ عوضُ لا نتفرَّقُ (¬1)
ثم أخبر سبحانه أن الشيطان [46/ أ] يصدّ قرينه ووليّه عن سبيله الموصل إليه وإلى جنّته، ويحسب هذا الضالُّ المصدودُ أنّه على طريق هدىً، حتى إذا جاء القرينان يوم القيامة يقول أحدهما للآخر: يا ليت بيني وبينك بعدَ المشرقين، فبئس القرين كنتَ لي في الدنيا! أضللتَني عن الهدى بعد إذ جاءني، وصددتَني عن الحقّ، وأغويتَني حتّى هلكتُ، وبئس القرين أنت لي (¬2) اليوم! ولمّا كان المصابُ إذا شاركه غيرُه في مصيبته حصل بالتأسّي نوعُ تخفيفٍ وتسليةٍ = أخبر سبحانه أنّ هذا غير موجود وغير حاصل في حقّ المشتركين في العذاب، وأنّ القرين لا يجد راحةً ولا أدنى فرح (¬3) بعذاب قرينه معه، وإن كانت المصائب في الدنيا إذا عمَّتْ صارت مَسْلاةً كما قالت الخنساء في أخيها صخر:
فلولا كثرةُ الباكين حولي ... على إخوانهم لقتلتُ نفسي
وما يبكون مثل أخي ولكن ... أعزّي النفسَ عنه بالتأسّي (¬4)
فمنع الله سبحانه هذا القدرَ من الراحة عن أهل النار فقال: {وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ (39)} [الزخرف: 39].
¬__________
(¬1) للأعشى في ديوانه (275).
(¬2) "لي" ساقط من ف.
(¬3) س، ف: "فرج".
(¬4) ديوان الخنساء (326) وقد زيد في بعض الطبعات بيت ثالث لم يرد في النسخ التي بين أيدينا.

الصفحة 224