كتاب الداء والدواء = الجواب الكافي ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

أسودَ باردًا في زمن الشتاء، فإنّ ذلك دليل وعلامة على أنّه يمطر.
قالوا (¬1): وهكذا حكم الطاعات مع الثواب، والكفر والمعاصي مع العقاب، هي أمارات محضة لوقوع الثواب والعقاب، لا أنّها أسباب له.
وهكذا عندهم الكسر مع الانكسار، والحريق (¬2) مع الإحراق، والإزهاق مع القتل. ليس شيء من ذلك سببًا ألبتة، ولا ارتباط بينه وبين ما يترتب عليه إلا مجرد إلاقتران العادي، لا التأثير السببي (¬3).
وخالفوا بذلك الحس، والعقل، والشرع، والفطرة، وسائر طوائف العقلاء، بل أضحكوا عليهم العقلاء (¬4)! والصواب أنّ ها هنا قسمًا ثالثًا غير ما ذكره السائل، وهو أن هذا المقدور (¬5) قُدر بأسباب، ومن أسبابه الدعاء. فلم يقدر مجردًا عن سببه، ولكن قدر بسببه. فمتى أتى العبد بالسبب وقع المقدور (¬6)، ومتى لم يأت بالسبب انتفى المقدور. وهذا كما قُدر الشبع والريّ بالأكل والشرب، وقدر الولد بالوطء، وقدر حصول الزرع بالبذر، وقدر خروج نفس الحيوان بذبحه (¬7). وكذلك [6/ ب] قُدر دخول الجنة بالأعمال،
¬__________
(¬1) "قالوا" ساقط من س.
(¬2) س: "الحرق".
(¬3) انظر: طريق الهجرتين (196، 206) وشفاء العليل (188).
(¬4) "بل ... العقلاء" ساقط من ز.
(¬5) ز: "المقدر".
(¬6) س: "المقدر".
(¬7) ز: "بالذبح".

الصفحة 28