كتاب الداء والدواء = الجواب الكافي ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

فكذلك (¬1) من حسّن ظنه وقوّى رجاءه في الفوز بالدرجات العلى والنعيم المقيم، من غير طاعة ولا تقرب إلى الله تعالى (¬2) بامتثال أوامره واجتناب نواهيه. وبالله التوفيق.
وقد قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ} [البقرة: 218].
فتأمَّلْ كيف جعل رجاءَهم إتيانَهم بهذه الطاعات! وقال المغترون (¬3): إنّ المفرِّطين المضيِّعين لحقوق الله (¬4)، المعطِّلين لأوامره، الباغين على عباده، المتجرّئين على محارمه = أولئك يرجون رحمة الله!
وسرّ المسألة أنّ الرَّجاء وحسن الظن إنما يكون مع الإتيان بالأسباب التي اقتضتها حكمة الله في شرعه، وقدَره، وثوابه وكرامته؛ فيأتي العبد بها، ثم يحسن (¬5) ظنّه بربه، ويرجوه أن لا يكِلَه إليها، وأن يجعلها
موصلةً إلى ما ينفعه، ويصرف ما يعارضها، ويبطل أثرها.

فصل
ومما ينبغي أن يعلم أنّ من رجا شيئًا استلزم رجاؤه أمورًا:
أحدها: محبة ما يرجوه.
الثاني: خوفه من فواته.
¬__________
(¬1) ف، ل: "وكذلك".
(¬2) ف، ز: "من غير تقرب إلى الله".
(¬3) ف: "المغرورون".
(¬4) ل: "حقوق الله".
(¬5) ز: "ويحسن".

الصفحة 87