كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

الرفق يؤنسه، والعلم يوحشه"، فقلت (1): يا أبا القاسم، كيف يكون
فقير يوحشه العلم؟ فقال: "نعم، الفقير إذا كان صادقا في فقره فطرحت
عليه العلم ذاب كما يذوب الرصاص في النار".
*وقال أبوالمظفر القرميسيني (2): "الفقير هو الذي لا يكون له إلى
الله حاجة ". قال أبوالقاسم القشيري: "وهذا اللفط فيه أدنى غموض على
من سمعه على وصف الغفلة عن مرمى القوم، والما شار قائله إلى
سقوط المطالبات، وانتفاء الاختيار (3)، و لرضى بما يجريه الحق
[18/ب] تبارك وتعالى " (4).
قلت: وبعد فهو كلام مستدرك خطأ، فإن حاجات هذا العبد إلى الله
بعدد الانفاس، إذ حاجاته ليست كحاجات غيره من أصحاب الحظوظ
والاقسام، بل حاجات هؤلاء في حاجة هذا العبد كتفلة في بحر. فان
حاجته إلى الله في كل طرفة عين أن يحفظ عليه حاله، ويثبت قلبه،
ويرقيه في مقامات العبودية، ويصرف عنه مايفسدها عليه، ويعزفه منازل
الطريق ومكامنها وافاتها ()، ويعرفه مواقع رضاه ليفعلها ويعزم عليها،
ومواقع سخطه ليعزم على تركها (6) ويجتنبها. فأي حاجات أكثر و عظم
(1)
(2)
(3)
(4)
(5)
(6)
القائل أبومحمد المرتعش. انظر: القشيرية (276). وطبقات الصوفية (160).
كذا في الاصل وغيره. ولعله سهو، فإله في القشيرية - مصدر لمؤلف - وغيره
"المظفر" لا "ابوالمظفر". وهو من كبار مشايخ الجبل، صحب عبدالله الخراز
الرازي المتوفى قبل (0 31 هـ) ومن فوقه من المشايخ. طبقات الصوفية (396).
" ك، ط ": " الاختيارات ".
القشيرية (277).
" ك، ط ": " اوقاتها "، حم.
"على تركها" سقط من "ف" سهوا.
102

الصفحة 102