كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

فوجود المال في يد الفقير لا يقدح في فقره، إنما يقدح في فقره
رويته لملكته. فمن عوفي من روية الملكة لم يتلوث باطنه بأوساخ المال
وتعبه وتدبيره واختياره (1)، وكان كالخازن لسيده الذي ينفذ وامره في
ماله، فهذا لو كان بيده من المال مثل (2) جبال الدنيا لم يضره.
ومن لم يعاف من ذلك ادعت نفسه الملكة، فتعلقت (3) به النفس
تعلقها بالشيء المحبوب المعشوق، فهو أكبر همه ومبلغ علمه، إ ن
أعطي رضي، وان منع سخط. فهو عبد الدينار والدرهم، يصبح مهموما
(4)
به، ويمسي كذلك، فيبيت () مضاجعا له. تفرح نفسه إذا ازداد،
وتحزن وتأسف إذا فات منه شيء، بل يكاد يتلف إذا توهمت نفسه
الفقر، وقد يؤئر الموت على الفقر.
والاول مستغن بمولاه المالك الحي (6) الذي بيده خزائن السموات
والارض، وإذا أصاب المال الذي في يده نائبة رأى أن المالك الحق هو
الذي أصاب مال نفسه، فما للعبد وما للجزع والهلع؟ وانما تصرف
مالك المال في ملكه الذي هو وديعة في يد مملوكه، فله الحكم في
ماله: إن شاء أبقاه، وان شاء ذهب به و فناه، فلا يتهم مولاه في تصرفه
في ملكه، ويرى تدبيره هو موجب الحكمة. فليس لقلبه بالمال تعلق،
(1)
(2)
(3)
(4)
(5)
(6)
في الاصل نقط الخاء و همل الباقي.
"و حتيازه". والمثبت من "ك، ط".
" ك، ط ": " اد ".
" ك، ط ": " غت ".
" به " ساقط من " ن، ك، ط ".
"ك، ط ": "يبيت ".
"ك، ط ": " الحق ".
24
وفي "ن " نقط التاء، وقراها ناسخ "ف ":

الصفحة 24