كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

فهذان [6/أ] قلبان متباينان غاية التباين.
وفلب ثالمث في البرزخ ينتظر الولادة صباحا ومساء، قد أشرف (1)
على فضاء التجريد، وآنس من خلال الديار أشعة التوحيد. تأبى غلبات
الحب والشوق إلا تقربا إلى من السعادة كلها بقربه، والحظ كل الحظ في
طاعته وحبه؟ وتأبى غلبات الطباع إلا جذبه وايقافه وتعويقه، فهو بين
الداعيين تارة وتارة، قد قطع عقبات وافات، وبقي عليه مفاوز وفلوات.
والمقصود أن صاحب هذا المقام إذا تحقق به ظاهرا وباطنا، وسلم
عن نظر نفسه إلى مقامه واشتغاله به ووقوفه عنده، فهو فقير حقيقي،
وليس فيه قادح من القوادح التي تحطه عن درجة الفقر.
واعلم أنه يحسن إعمال اللسان في ذم الدنيا في موضعين: أحدهما
موضع التزهيد فيها للراغب، والثاني عندما يرجع به داعي الطبع والنفس
إلى طلبها، ولا يأمن إجابة الداعي، فيستحضر في نفسه (2) قلة وفائها،
وكثرة جفائها، وخسة شركائها (3)، فإنه إن تم عقله وحضر رشده زهد
فيها ولا بد.
فصل
[تفسير 1 لدرجة الثانية من] لفقر]
وقوله: " الدرجة الثانية: الرجوع إلى السبق بمطالعة الفضل. وهو
يورث الخلاص من رؤية الاعمال، ويقطع شهود الاحوال، ويمحص من
(1)
(2)
(3)
"ط": "قد أصبح ".
"ف": "فتستحضر نفسه "، وهو خلاف الاصل.
مأخوذ من قول بعض 1 لزهاد، كما سياتي في ص (541).
31

الصفحة 31