كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

فصل
[مقتضيات الدرجة الثانية من الفقر]
واذا كان التلوث بالأعراض (1) قيدا يقيد القلوب عن سفرها إلى بلد
حياتها ونعيمها الذي لا سكن لها غيره، ولا راحة لها إلا فيه، ولا سرور
لها إلا في منازله، ولا من لها إلا بين أهله؛ فكذلك الذي قد باشر (2)
قلبه روج التاله، وذاق طعم المحبة، وانس نار المعرفة، له أعراض!
دقيقة حالية تقيد قلبه عن مكاقحة صريح الحق، وصحة الاضطرار إليه،
والفناء التام به، والبقاء الدائم بنوره الذي هو المطلوب من السير
والسلوك، وهو الغاية التي شمر إليها السالكون، والعلم الذي أمه
العابدون، ودندن حوله العارفون. فجميع ما يحجب عنه أو يقيد القلب
نظره وهفه يكون حجابا يحجب الواصل، ويوقف السالك، وينكس
الطالب. فالزهد فيه على أصحاب الهمم العلية متعئن تعين الواجب
المعين (3) الذي لا بد منه، وهو كزهد السالك إلى الحج في الظلال
والمياه التي يمر بها في المنازل.
فالأول مقيد عن الحقائق برؤية الأعراض، والثاني مقيد عن النهايات
برؤية الأحوال، فتقيد كل منهما عن الغاية المطلوبة، وترتب على هذا
(1) ضبطت الكلمة في الاصل هانا بالعين المهملة، وفي الموضع التالي بالمعجمة،
ثئم بالمهملة، وستاتي مزة أخرى في ص (45) بالمهملة، وفي "ف" في
الموضعين الاولين بالمعجمة ثئم بالمهملة، ولعل الصواب بالمهملة كما أثبتنا،
وكذا في "ن، ك" في المواضع المذكورة كلها.
(2) "ك، ط": "الذي باشر".
(3) "المعين": ساقط من "ك، ط ".
35

الصفحة 35