كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

والمقصود أن التعبد باسم (1) "الظاهر" يجمع القلب على المعبود،
ويجعل له ربا يقصده، وصمدا يصمد إليه في حوائجه، وملجأ يلجا
إليه. فاذا استقر ذلك في قلبه، وعرف ربه باسمه "الظاهر" استقامت له
عبوديته، وصار له معقل وموئل يلجا إليه، ويهرب إليه، ويفر كل وقت
إليه.
و ما تعبده باسمه "الباطن" فامر يضيق نطاق التعبير عن حقيقته،
ويكل اللسان عن وصفه، وتصطلم الاشارة إليه، وتجفو العبارة عنه؛
فإذه يستلزم معرفة بريئة من شوائب التعطيل، مخلصة من فرث
التشبيه (2)، منزهة عن رجس الحلول والاتحاد؛ وعبارة مؤدية للمعنى
كاشفة عنه، وذوقا صحيحا، سليما من أذواق أهل الانحراف. فمن رزق
هذا فهم معنى اسمه " الباطن "، وصح له التعبد به.
وسبحانه الله كم زلت في هذا المقام أقدام، وضلت فيه أفهام! وتكلم
فيه الزنديق بلسان الصديق، واشتبه فيه إخوان النصارى بالحنفاء
المخلصين، لنبو الافهام عنه، وعزة تخلص الحق من الباطل فيه،
والتباس ما في الذهن بما في الخارج إلا على من رزقه الله بصيرة في
الحق، ونورا يميز به بين الهدى والصلال، وفرقانا يفرق به (3) بين الحق
(1)
(2)
(3)
"ك، ط":"باسمه"
هذا التعبير مأخوذ من قوله تعالى في سوره النحل <ئسقي! قافي بالويهءمن بين فرث
ود 2 فناخالعحاممايغاِلئشرلين! >. وقد لهج به المصتف، فورد في غير موضع
من كتبه.] نظر مثلا مقدمة النونية: (42)، وبدائع الفوائد: (291)، ومدارج
السالكين (122:3). وسياتي مرة خرى في هذا الكتاب في ص (54). و 1 نظر
نحوه في قول الشاشي في نفح الطيب (5:286).
"به" ساقطة من "ك، ط". وقد استدركت في القطرية.
41

الصفحة 41