كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

واخر وظاهر وباطن، حتى الخطرة واللحظة والنفس، وأدنى من ذلك
وأكبر (1). فاولية الله عزوجل سابقة على أولية كل ماسواه، واخريته ثابتة
بعد اخرية كل ماسواه. فأوليته سبقه لكل شيء، واخريته بقاؤه بعد كل
شيء. وظاهريته سبحانه فوقيته وعلوه على كل شيء، ومعنى الظهور
يقتضي العلو، وظاهر الشيء هو ما علا منه وأحاط بباطنه. وبطونه
سبحانه إحاطته بكل شيء، وبحيث يكون أقرب إليه من نفسه، وهذا
قرب غير قرب المحب من حبيبه. هذا لون، وهذا لون.
فمدار هذه الأسماء الاربعة على الاحاطة، وهي إحاطتان: زمانية
ومكانية، فأحاطت (2) أوليته واخريته بالقبل والبعد، فكل سابق انتهى
إلى أوليته، وكل اخر انتهى إلى اخريته؛ فأحاطت أوليته وآخريته
بالاوائل والاواخر. وأحاطت ظاهريته وباطنيته بكل ظاهر وباطن،
فما من ظاهر إلا الله فوقه، وما من باطن إلا والله دونه، وما من أول الا
والله (3) قبله، وما من اخر إلا والله بعده: فالاول قدمه، والاخر دوامه
وبقاؤه، والظاهر علوه وعظمته، والباطن قربه ودنوهه
فسبق كل شيء باوليته، وبقي بعد كل شيء باخريته، وعلا على كل
شيء بطهوره، ودنا من كل شيء ببطونه. فلا تواري منه سماء سماء
ولا أرض أرضا، ولا يحجب عنه ظاهر باطنا، بل الباطن له ظاهر،
والغيب عنده شهادة، والبعيد منه قريب، والسر عنده علانية.
فهذه الأسماء الأربعة تشتمل على أركان التوحيد، فهو الاول في
(1)
(2)
(3)
"ن، ك، ط":"اكثر".
"ك، ط ": "فاحاطة "، خطا.
"ك ": (فالثه ".
47

الصفحة 47