كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

شيء خلقه، وأتقن كل شيء، فهو (1) أحكم الحاكمين و حسن
الخالقين، له في كل شيء حكمة بالغة، وفي كل مصنوع صنع متقن.
والرجل إذا عاب صنعة رجل اخر وذمها سرى ذاك (2) إلى الصانع، لأده
كذلك صنعها، وعن حكمته أظهرها، إذ كانت الصنعة مجبولة (3) لم
تصنع نفسها، ولا صنع لها في خلقها. فالعارف لا يعيب إلا ما عابه الله،
ولا يذم إلا ما ذمه.
واذا سبق إلى قلبه ولسانه عيب ما لم يعبه الله وذئم ما لم يذمه (4)،
تاب إلى الله منه كما يتوب صاحب الذنب من ذنبه، فاذه يستحمي من الله
أن يكون في داره وهو يعيب الات تلك الدار وما فيها. فهو يرى نفسه
بمنزلة رجل دخل إلى دار ملك من الملوك، ورأى ما فيها من الالات
والبناء والترتيب، فأقبل يعيب منها بعضها ويذمه ويقول: لو كان كذا
بدل كذا لكان [70/أ] خيرا، ولو كان هذا في مكان هذا لكان أولى.
وشاهد الملك يولي ويعزل، ويعطي ويحرم ()، فجعل يقول: لو ولي
هذا مكان فلان كان خيرا، ولو عزل هذا المتولي لكان أولى، ولو
عوفي (6) هذا، ولو أغني هذا! فكيف يكون مقت الملك لهذا المعترض
واخراجه له من قربه؟ وكذلك لو أضافه صاحب له فقدم إليه طعاما فجعل
(1)
(2)
(3)
(4)
(5)
(6)
"ك، ط":"وهو".
وردت هنا في "ك، ط" زيادة: "إلى صانعها، فمن عاب صنعة الرفي سبحانه بلا
إذنه سرى ذلك".
"ب ": "مجبورة ".
"ك، ط": "يذمه الله ".
"ك، ط": "يحرم ويعطي ".
"ب!: "عافى".
473

الصفحة 473