كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

نفس الحظ، والهروب عن حق المحبوب ومراده.
وهل مثل هذا إلا كمثل رجلين ادعيا محبة ملك، فحضرا بين يديه،
فقال: ما تريدان؟ فقال أحدهما: أريد أن لا أريد شيئا، بل أفنى عن
إرادتي، و كون أنا المراد، و نت تريد بي ما تشاء. وقال الاخر: بل (1)
أريد أن أنفق أنفاسي وذراتي (2) في محابك ومرضاتك منفذا لاوامرك
مشمرا في طاعتك، أتوجه حيث توجهني وأفعل ماتأمرني، هذا الذي
أريده (3). فقال (4) للاخر: وأنا أريد منك أن تفعل مثل هذا، فاني
سابعثكما في أشغالي ومهماتي. فاما أحدهما فقال: لاحط لي سوى
اتباع مرضاتك والقيام بحقوقك. وقال الاخر: لا أريد إلا مشاهدتك،
والنظر إليك، والفناء فيك. فهل يكونان في نظره سواء؟ وهل تستوي
منزلتهما عنده؟
ولو أنعموا النظر لعلموا أن صاحب الفناء هو طالب الحظ الواقف
معه، و ن الاخر وان لم ينسلخ من الحظ، ولكن حظه مراد المحبوب
منه، لا مراده هو من المحبوب؛ وبين الأمرين من الفرق كما بين الارض
والسماء (). فالعجب ممن يفضل صاحب الحظ الذي يريده من محبوبه
على من صار حظه مراد محبوبه منه! بل الفناء الكامل أن يفنى بإرادته عن
إرادة ما سواه (6)، وبحبه عن حب ما سواه، وبرجائه عن رجاِ ما سواه،
(2)
(3)
(4)
(6)
"بل": ساقط من"ط".
"ب": "إرادتي".
"ب": "اريد".
"ب": "فقال الملك ".
"ب ": "ببن السماء والارض ".
"ب، ك، ط ": "من سواه ".
482

الصفحة 482