كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

المشايخ فقال: أيها الشيخ بأي شيء تدفع إبليس إذا قصدك بالوسوسة؟
فقال الشيخ: إني لا أعرف إبليس فأحتاج إلى دفعه، نحن قوم صرفنا
هممنا إليه، فكفانا ما دونه. وكما قيل (1):
تسترت عن دهري بطل جناحه فعيني ترى دهري وليس يراني
فلو تسال الايام ما اسمي ما درت و ين مكاني ما عرفن مكاني " (2)
فيقال: الكلام على هذا من وجوه:
أحدها: أن جعل الزهد للعوام لما (3) ذكره إلما يتئم إذا كان الزهد
ملزوما لمنازعة النفس ومجاذبتها لدواعي الشهوة والهوى، وحينئذ
فيكون قلبه مشغولا بتلك الدواعي والجواذب، ونفسه تطالبه بها، وزهده
يأمره باجتنابها. ولا ريب أن فوق هذا مقاما (4) أعلى منه، وهو 721/ب]
طمأنينة نفسه وسكونها إلى محبوبها، وانجذاب دواعيها إلى محابه
ومرضاته؛ وهذا للخواص من المؤمنين، ولكن هذه المنازعة غير لازمة
للزهد، وان كان لا بد منها في حكم الطبيعة لتحقق الابتلاء والامتحان،
وليتحقق (5) ترك العبد حظه وهواه لربه إيثارا له على هواه ونفسه.
الثاني: أنه ولو كانت هذه المنازعة وحبس النفس عن الملذوذات من
__________
(1)
(2)
(3)
(5)
"ط": "قال". البيتان لابي نواس في ديوانه (469). وقوله: "بطل جناحه"
يعني به جناح الممدوجه وقد تمثل بهما المصنف في مدارج السالكين
(183/ 3).
محاسن المجالس (78 - 79).
"ب ": "كما". "ك ": "ما".
في الاصل و"ف": "مقام" بالرفع. والمثبت من "ب، ك، ط".
"ف": "ولتحقق"، خلاف الاصل.
493

الصفحة 493