كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
فاذا (1) كانت المرأة شديدة العشق والمحبة للرجل قد امتلأ قلبها من
حبه- فهذا الابتلاء الذي لا يصبر معه إلا مثل (2) الكريم ابن الكريم ابن
الكريم (3) صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
ولا ريب ان هذا الابتلاء أعظم من الابتلاء الاول، بل هو من جنس
ابتلاء الخليل! شم! ر بذبح ولده، إذ كلاهما ابتلاء بمخالفة الطبع ودواعي
النفس والشهوة، ومفارقة حكم الطبع جملة (4). وهذا بخلاف البلوى
التي أصابت ذا النون صلوات الله وسلامه عليه، والتي أصابت أيوب
صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
[73/ا] قالوا: وأيضا قان هذه هي النكتة التي من أجلها كان صالحو
البشر أفضل من الملائكة؛ لان الملائكة عبادتهم بريئة عن شوائب
دواعي النفس () والشهوات البشرية، فهي صادرة عن غير معارضة
ولا مانع ولا عائق، وهي كالنفس للحي. وأفا عبادات البشر، فمع
منازعات النفوس، وقمع الشهوات، ومخالفة دواعي الطبع؛ فكانت
أكمل. ولهذا كان أكثر الناس على تفضيلهم على الملائكة لهذا المعنى
ولغيره، فمن لم يخلق له تلك الدواعي والشهوات فهو بمنزلة الملائكة،
ومن خلقت له وأعانه الله على دفعها وقهرها وعصيانها كان أكمل
وأفضل.
(1) "ب":"فان".
(2) "ك، ط": "ائذي صبر معه مثل".
(3) زاد في "ب، ط ": "ابن الكريم ث!.
(4) " ط ": "حكم طبعه ".
(5) "ب ": "النفوس ".
497
الصفحة 497
1116