كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

إرادات القلب السليم منها والنفس المطمئنة بربها، فكل إرادة منها تسير
به مراحل على مهله (1)، فهو يسير رويدا، وقد سبق الشعاة (2)، كما
قيل:
من لي بمثل سيرك المدلل تمشي رويد وتجي في الاول (3)
قالوا: وأيضا فان هذه الدواعي والارادات إنما تحمد عاقبتها إذا
ردت صاحبها إلى حال السليم منها، فيكون كماله في تشبهه به وسيره
معه؛ فكيف يكون أكمل ممن كماله إنما هو في تشبهه به؟
قالوا: وأيضا فالنفوس ثلاثة: أمارة، ولوامة، ومطمئنة. والنفس
الامارة هي المطيعة لدواعي طباعها وشهواتها، فمبادىء كونها أمارة هي
تلك الدواعي والارادات، فتستحكم، فتصير عزمات، ثم توجب
الافعال؛ فمبدأ صفة الذم فيها تلك الدواعي. وأما النفس المطمئنة فهي
التي عدمت هذه المبادىء فعدمت غاياتها. فكيف تكون مبادىء النفس
الامارة مما يوجب لها مزية على النفس المطمئنة؟
فهذا ونحوه [74/أ] مما احتجت به هذه الطائفة أيضا لقولها.
(1) كذا ضبطت الكلمة في "ب". وفي "ف": "مهلة".
(2) "ط ": "السعادة"، تحريف. وقد تقدم قريبا مثل هذا التحريف.
(3) تمثل به المؤلف في مفتاح دار السعادة (1/ 302) ومدارج السالكين (7/ 3).
وقد أورد الميداني هذا المثل على وجه آخر؟
تسالني م الخيار جملا يمشي رويدا ويكون اولا
وقال إده يضرب في طلب ما يتعذر. مجمع الأمثال (248/ 1)، وقال
العسكري إن قولهم: "تمشي رويدا وتكون لاولا" يراد به انه يدرك حاجته في
تؤدة. جمهرة الامثال (1/ 260)، وهو المراد هنا.
504

الصفحة 504