كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

لبانها، وتخرح (1) من مشكاتها، وهي أن العبد إذا كان له حال أو مقام مع
الله، ثم نزل عنه إلى ذنب ارتكبه، ثم تاب من ذنبه، هل يعود إلى مثل
ماكان؟ أو لا يعود، بل إن رجع رجع إلى أنزل من مقامه و نقص من
رتبته؟ أو يعود خيرا مما كان؟
فقالت طائفة: يعود بالتوبة إلى مثل حاله الاول (2)، فان " التائب من
الذنب كمن لا ذنب له" (3)، واذا محي أثر الذنب بالتوبة صار وجوده
كعدمه، فكأله لم يكن، فيعود إلى مثل حاله.
قالوا: ولان التوبة هي الرجوع إلى الله بعد الاباق منه، فان المعصية
إباق العبد من ربه، فاذا تاب إلى الله فقد رجع إليه. واذا كان مسمى
التوبة هو الرجوع، فلو لم يعد إلى حالته الاولى مع الله لم تكن توبته
تامة، والكلام إلما هو في التوبة النصوح.
قالوا: ولان التوبة كما ترفع أثر الذنب في الحال بالاقلاع عنه في
المستقبل بالعزم على أن لا يعود، فكذلك ترفع أثره في الماضي جملة.
ومن أثره في الماضي انحطاط منزلته عند الله ونقصانه عنده، فلا بد من
ارتفاع هذا الاثر بالتوبة، واذا ارتفع بها عاد إلى مثل حاله.
قالوا: ولاله لو بقي نازلأ من مرتبته منحطا عن منزلته بعد التوبة كما
(1)
(2)
(3)
"ط":"يرتضع .. يخرج "،تصحيف.
"ك، ط ": "الاولى". "ب ": "إلى حاله الاول ".
أخرجه ابن ماجه (4250)، والطبراني في المعجم الكبير (10281) من طريق
بي عبيدة بن عبدالله بن مسعود عن ابيه مرفوعا. قال السخاوي في المقاصد
الحسنة (182): "ورجاله ثقات، بل حسنه شيخنا يعني لشواهده، والا
فأبوعبيدة جزم غير واحد بانه لم يسمع من أبيه ".
506

الصفحة 506