كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
واحتجوا لقولهم أيضا بأن التوبة تثمر للعبد محبه [74/ب] من الله
خاصة لا تحصل بدون التوبة، بل التوبة شرط في حصولها. وإن حصل
له محبة أخرى بغيرها من الطاعات فالمحبة الحاصلة له بالتوبة لا تنال
بغيرها، فان الله يحب التوابين، ومن محبته لهم فرحه بتوبة أحدهم أعظم
فرع و كمله. فاذا أثمرت له التوبة هذه المحبة، ورجع بها إلى طاعاته
التي كان عليها أولا، انضم أثرها إلى أثر تلك الطاعات، فقوي الاثران،
فحصل له المزيد من القرب والوسيلة.
وهذا بخلاف ما يطنه من نقصت معرفته بربه من أذه سبحانه إذا غفر
لعبده ذنبه فإذه لا يعود (1) الود الذي كان له منه قبل الجناية. واحتجوا في
ذلك بأثر إسرائيلي مكذوب أن الله سبحانه قال لداود: "ياداود أما الذنب
فقد غفرناه، و ما الود فلا يعود" (2). وهذا كذب قطعا، فإن الود يعود
بعد التوبة النصوح أعظم مما كان، فاذه سبحانه يحب التوابين، ولو لم
يعد الود لما حصلت له محبته. وأيضا فاذه يفرح بتوبة التائب، ومحال أ ن
يفرح بها أعظم فرح و كمله وهو لا يحبه.
وتأمل سر اقتران هذين الاسمين في قوله تعالى: <إنمر هو لذى
ولعيد * وهو الغفور الو و!) [البروج/ 13 - 4 ا] تجد فيه من الرد (3)
والانكار على من قال: لا يعود الود والمحبة منه لعبده أبدا، ما هو من
كنوز القرآن ولطائف فهمه. وفي ذلك مايهيح القلب السليم، ويأخذ
(1)
(2)
(3)
"ف": "لا يعود له الود"، خلاف الاصل.
انظر: مجموع الفتاوى (0 1/ 304).
في الاصل: " الرد على والانكار"، سبق قلم.
509