كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

بمجامعه، ويجعله عاكفا على رئه - الذي لا إله له غيره (1)، ولا رب له
سواه - عكوف المحب الصادق على محبوبه، الذي لا غنى له عنه،
ولا بد له منه، ولا تندفع ضرورته بغيره أبدا.
واحتجوا أيضا بأن العبد قد يكون بعد التوبة خيرا منه قبل الخطيئة،
لان الذنب يحدث له من الخوف والخشية، والانكسار والتذلل لله،
والتضرع بين يديه، والبكاء على خطيئته، والندم عليها، ؤالاسف
والاشفاق (2)، ما هو من افضل أحوال العبد وأنفعها له في دنياه وآخرته.
ولم تكن هذه الامور لتحصل بدون أسبابها، إذ حصول الملزوم بدون
لازمه محال. والله تعالى يحمث من عبده كسرته، وتضرعه، وذله بين
يديه، واستعطافه، وسؤاله أن يعفو عنه، ويغفر له، ويتجاوز عن جرمه
وخطيئته. فاذا قضى عليه بالذنب فترتبت عليه هذه الائار المحبوبة له
كان ذلك القضاء خيرا له، وليس ذلك إلا للمؤمن. ولهذا قال بعض
السلف: "لو لم تكن التوبة أحمث الاشياء إليه لما ابتلى (3) بالذنب أكرم
الخلق عليه " (4).
وقيل: إن في بعض الآئار يقول الله تعالى لداود؟ "ياداود كنت تدخل
عليئ دخول الملوك على الملوك، واليوم تدخل علي دخول العبيد على
الملوك " (). قالوا: وقد قال غير واحد من السلف: كان داود بعد التوبة
(1)
(2)
(3)
(4)
(5)
"ب، ك": "لا إله غيره ". "ط": "لا إله إلا هو".
"ط ": "الإشفاء"، تحريف.
في "ط " بياض مكان "ابتلى".
نقله شيخ الاسملام في منهاج السعة (2 لم 432) و (210/ 6)، وضقنه المؤلف
كلامه في مدارج السالكين (373/ 1)، وشفاء العليل (341).
نقله المصنف في مدارج السالكين (376/ 1) من قول الله تعالى لادم عليه=
510

الصفحة 510