كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

مركبه طعامه وشرابه! ثم إله عدمها في أرض دوية لاأنيس بها
ولا معين، ولا من يأوي له ويرحمه ويحمله، ثم إلها مهلكة لا ماء بها
ولا طعام. فلما أيس من الحياة بفقدها، وجلس ينتظر الموت، إذا هو
براحلته قد أشرفت عليه، ودنت منه، فأي فرحة تعدل فرحة هذا؟ ولو
كان في الوجود فرح أعظم من هذا لمثل به النبي! يم. ومع هذا ففرح الله
بتوبة عبده إذا تاب إليه أعظم من فرح هذا براحلته.
[قاعدة نافعة في إثبات الصفات] (1)
وتحت هذا سو عظيم يختص الله بفهمه من يشاء، فان كنت ممن غلظ
حجابه، وكثفت نفسه وطباعه، فعليك بوادي الحمقى (2)، وهو وادي
المحرفين الكلم (3) عن مواضعه، الواضعين له على غير المراد منه. فهو
واد قد سلكه حلق، وتفرقوا في شعابه وطرقه ومتاهاته، ولم تستقر لهم
فيه قدم، ولا لجؤوا منه إلى ركن وثيق، بل هم فيه (4) كحاطب الليل
وحاطم السيل (5).
وان نجالن الله من هذا الوادي، فتأمل هذه الالفاظ النبوية المعصومة
التي مقصود المتكلم بها غاية البيان، مع مصدرها عن كمال العلم بالله
__________
(1) العنوان من حاشية "ب".
(2) "ط": "بوادي الخفا"!
(3) "ك، ط ": "للكلم".
(4) "فيه ": ساقط من "ك، ط ".
(5) حطمة السيل وطحمته بفتج الطاء وضفها: دفاع معظمه. والسيول الطواحم:
الدوافع. يقال: أشد من حطمة السيل تحت طحمة الليل، وهو معظم سواده.
انظر: الاساس والتاج (حطم، طحم).
513

الصفحة 513