كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

خصائص المخلوقين عن إضافتها إلى صفات رب العالمين. فإن هذه
العقدة هي أصل بلاص الناس، فمن حلها فما بعدها يسر منها، ومن هلك
بها فما بعدها أشد منها. وهل نفى أحد ما نفى من صفات الرب ونعوت
جلاله إلا لسبق نظره الضعيف إليها واحتجابه (1) بها عن أصل الصفة
وتجردها عن خصائص المحدث؟ فإن الصفة يلزمها لوازم باختلاف
محلها، فيظن القاصر (2) إذا رأى ذلك اللازم (3) في المحل المحدث أله
لازم لتلك الصفة مطلقا، فهو يفر من إثباتها للخالق سبحانه، حيث لم
يتجرد في ظنه عن ذلك اللازم.
وهذا كما فعل من نفى عنه سبحانه الفرح والمحبة والرضى والغضب
والكراهة والمقت والبغض، وردها كلها إلى الارادة. فاله فهم فرحا
مستلزما لخصائص المخلوق من انبساط دم القلب وحصول ماينفعه،
وكذلك فهم غضبا هو غليان دم القلب طلبا للانتقام، وكذلك فهم محبة
ورضى وكراهة ورحمة مقرونة بخصائص المخلوقين؛ فإن ذلك هو
السابق إلى فهمه، وهو المشهود في علمه الذي لم تصل معرفته إلى سواه
ولم يحط علمه بغيره. ولما كان ذلك (4) هو السابق إلى فهمه لم يجد بدا
من نفيه عن الخالق تعالى، والصفة لم تتجرد في عقله عن هذا اللازم،
فلم يجد () بدا من نفيها.
(1) "ب": "احتجاجه"، تحريف. وكذا في "ط"، وصحح في القطرية.
(2) "ف": "العاجز"، قراءة محتملة.
(3) "اللازم " ساقط من"ب ".
(4) "ذلك " ساقط من "ب، ط ".
(5) "من نفيه. . ." إلى هنا ساقط من "ب".
515

الصفحة 515