كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
يحب نفسه، ومن أجل ذلك يثني على نفسه، ويحمد نفسه، ويقدس
نفسه، ويحب من يحبه ويحمده ويثني عليه. بل كلما كانت محبة عبده
له أقوى كانت محبة الله له أكمل و تم. فلا أحد أحمث إليه ممن يحبه،
ويحمده، ويثني عليه.
ومن أجل ذلك كان الشرك أبغض الاشياء إليه لانه ينقص هذه
المحبة، ويجعلها بينه وبين من أشرك به. ولهذا لا يغفر الله أن يشرك به؛
لان الشرك يتضمن نقصان هذه المحبة، والتسوية فيها بينه وبين غيره.
ولا ريب أن هذا من أعظم ذنوب المحب عند محبوبه التي ينقص (1) بها
(2)
من عينه، وتنحط بها مرتبته عنده إذا كان من المخلوقين، فكيف
يحتمل رب العالمين أن يشرك بينه وبين غيره في المحبة، والمخلوق
لا يحتمل ذلك، ولا يرضى به، ولا يغفر هذا الذنب لمحبه أبدا. وعساه
أن يتجاوز لمحبه عن غيره من الهفوات (3) والزلات في حقه، ومتى علم
بأنه يحب غيره كما يحبه لم يغتفر (4) له هذا الذنب ولم يقربه إليه. هذا
مقتضى الطبيعة والفطرة. أفلا يستحصي العبد ن يسوي بين إلهه ومعبوده
وبين غيره في هذه العبودية والمحبة؟
قال تعالى: < ومن ألئاس من يئخذ من دون أدده أنداد3 مجبوضهتم كحب
أدلهط والذين ءامنو3 أشد حنا لئه) [البقرة/ 165]. فاخبر سبحانه أن من أحب
شيئا دون الله كما يحمث الله، فقد اتخذه ندا. وهذا معنى قول المشركين
(1) كذا في الاصل وغيره. وفي "ط": "يسقط".
(2) "ب": "تسقط". "ك": "يسقط". "ط ": "تنقص".
(3) "ف": "النفرات"، تحريف.
(4) "ط": "لم يغفر".
523