كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
مصطفاة عنده، مرضية لديه. وقدر السلعة يعرف بجلالة قدر مشتريها
وبمقدار ثمنها. هذا إذا جهل قدرها في نفسها، فاذا عرف قدر السلعة،
وعرف مشتريها، وعرف الثمن المبذول فيها، علم شأنها ومرتبتها في
الوجود. فالسلعة أنت، والله المشتري، والثمن جنته والنظر إلى وجهه
وسماع كلامه في دار الامن والسلام. والله سبحانه لا يصطفي لنفسه إلا
أعز الاشياء وأشرفها وأعظمها قيمة. واذا كان قد اختار العبد لنفسه،
وارتضاه لمعرفته ومحبته، وبنى له دارا في جواره وقربه، وجعل ملائكته
خدمه يسعون في مصالحه في يقظته ومنامه وحياته وموته؛ ئم إن العبد
أبق عن سيده ومالكه ذاهبا عنه (1)، معرضا عن رضاه؛ ثم لم يكفه ذلك
حتى خامر عليه (2)، وصالح عدوه، ووالاه من دونه، وصار من جنده،
مؤثرا لمرضاته على مرضاة وليه ومالكه = فقد باع نفسه - التي اشتراها منه
إلهه ومالكه، وجعل ثمنها جنته والنظر إلى وجهه - من عدوه [77/أ]
و بغض خلقه إليه، واستبدل غضبه برضاه، ولعنته برحمته ومحبته. فأي
مقت خلى هذا المخدوع عن نفسه لم يتعرض له من ربه؟
قال تعالى: < صهاذ قابا للملتكة اسجدو لأدم فسجدوا لا إئليس كان مبئ
الجن ففسق عن مر ربه أفنتخذون! وذريته، أؤ! آء من دوني وهم لكم عدو
بئس للطئمين بدلا*> [1 لكهف/ 50].
فتأمل ما تحت هذه المعاتبة وما في طي هذا الخطاب من سوء
حال (3) هذا العبد، وما تعرض له من المقت والخزي والهوان؛ ومن
(1) "ب": "و 1 ستمز ذاهبا عنه". وهو ساقط من"ط".
(2) ف! رناه انفَا في ص (524).
(3) "حال " ساقط من "ك، ط ".
527