كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
المحبوب لمساخط حبيبه فهو بمنزلة المحبوب الذي فر من محبه وآثر
غيره عليه. فاذا عاوده، وأقبل إليه، وتخلى عن غيره، فكيف لا يفرح به
محبه أعظم فرح و كمله؟ والشاهد أقوى شاهد بهذا والفطرة (1) والعقل،
فلو لم يخبر الصادق المصدوق بما أخبر به من هذا الامر العظيم لكان في
الفطرة والعقل ما يشهد به، فإذا انضافت الشرعة المنزلة إلى الفطرة
المكفلة (2) إلى العقل الصحيح (3) المنؤر، فذلك الذي لا غاية (4) بعده ه
وذلك فصل الله يوتيه من يشاء، والئه ذو الفضل العظيم.
ومتى أراد العبد شاهد هذا من نفسه فلينظر إلى الفرحة التي يجدها
بعد التوبة النصوح، والسرور واللذة التي تحصل له؛ والجزاء من جنس
العمل. فلما تاب إلى الله، ففرح الله بتوبته، أعقبه فرحا عظيما.
وههنا دقيقة قل من يتفطن لها إلا فقيه في هذا الشأن. وهي أن كل
تائب لا بد له في أول توبته من عصرة وضغطة في قلبه، من هم أو غم أ و
ضيق أو حزن، ولو لم يكن إلا تألم () بفراق (6) محبوبه، فينضغط لذلك
وينعصر قلبه، ويضيق صدره؛ فأكثر الخلق رجعوا من التوبة وبمسوا
(1) كذا في الاصل وغيره. وفي "ط ": ". . اقوى شاهد تؤيده الفطرة ".
(2) "إلى الفطرة المكملة " ساقط من "ط".
(3) كلمة "الصحبح" ساقطة من "ط".
(4) "ك، ط": "غاية له".
(ه) "ف": "تالمه"، خلاف الاصل. وكذا في "ك، ط".
(6) "ب ": "لفراق ".
529