كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

شاءت، بصحة شهادة قيومية من له الخلق والامر، وتفرده بذلك دون
ماسواه.
وهذا الامر لا يدرك بمجرد العلم، ولا يعرفه إلا من تحقق به، ا و
لاح له منه بارق. وربما ذهل صاحب هذا المشهد عن الشعور بوجوده
لغلبة شهود وجود القيوم عليه، فهناك يصح من مثل هذا العبد الاضطرار
إلى الحي القيوم، ويشهد (1) في كل ذرة من ذراته الظاهرة والباطنة فقرا
تاما إليه، من جهة كونه ربا، ومن جهة كونه إلها معبوذا لا غنى له عنه،
كما لا وجود له بغيره. فهذا هو الفقر الاعلى الذي دارت عليه رحى
القوم، بل هو قطب تلك الرحى.
والما يصح له هذا بمعرفتين لابد منهما: معرفة حقيقة [10/أ]
الربوبية والالهية، ومعرفة حقيقة النفس والعبودية، فهنالك تتم له معرفة
هذا الفقر. فان أعطى هاتين المعرفتين حقهما من العبودية اتصف بهذا
الفقر حالا، فما أغناه حينئد من فقير! وما عزه من ذليل! وما قواه من
ضعيف! وما انسه من وحيد! فهو الغني بلا مال، القوي (2) بلا سلطان،
العزيز بلا عشيرة، المكفي (3) بلا عتاد! قد قرت عينه بالله، فقرت به كل
عين؛ واستغنى بالله، فافتقر إليه الاغنياء والملوك.
ولا يتئم له ذلك إلا بالبراءة من فرث الجبر ودمه (4)، فاله إن طرق
باب الجبر انحل عنه نظام العبودية، وخلع ربقة الاسلام من عنقه، وشهد
(1)
(2)
(3)
(4)
"ط":"شهد".
تحته في "ف" بخط مختلف: "الغالب" مع علامة "صح".
"ف": "المكتفي". اخطا في القراءة وكتب في الحاشية: "ظ" اي انظر.
انظر ما سلف عن هذا التعبير في ص (41".
54

الصفحة 54