كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

لا يحصى، فإن الترك مستصحب معه، والمتروك لا ينحصر
ولا ينضبط، فهل يثاب على ذلك كله؟ هذا مما لا جم! وهم. وإذا كانت
الحسنة لا بد أن تكون أمرا وجوديا، فالتائب من الذنوب التي قد
عملها (1) قد قارن كل ذنب منها ندما عليه، وكف نفسه عنه، وعزمه
(3)
على ترك معاودته، وهذه حسنات بلا ريب، وقد محت التوبة أثر
الذنب، وحلفه هذا الندم والعزم، وهو حسنة، فقد بدلت (3) تلك ا لسيئة
حسنة. وهذا معنى قول بعض المفسرين: "يجعل مكان السيئة التوبة،
والحسنة مع التوبة " (4). فإذ كانت كل سيئة من سيئاته قد تاب منها،
فتوبته منها حسنة حلت مكانها، فهذا معنى التبديل، لا أن السيئة نفسها
تنقلب حسنة. ولهذا (د) قال بعض المفسرين في هذه الاية: "يعطيهم
بالندم على كل سيئة أساووها حسنة ".
وعلى هذا فقد زال بحمد الله الاشكال، واتضح الصواب، وظهر أ ن
كل و حدة من الطائفتين ما خرجت عن موجب العلم و لحجة.
و ما حديث أبي ذر - وإن كان التبديل فيه في حق المصر الذي عذب
على سيئاته - فهو يدل بطريق الاولى على حصول التبديل للتائب المقلع
النادم على سيئاته. فإن الذنوب التي عذب عليها المصر لما زال أثرها
بالعقوبة بقيت كأن لم تكن، فأعطاه الله مكان كل سيئة منها حسنة، لان
(1) "ط ": " التي عملها"، فحذف " قد".
(2) "ب": "وكفا عنه وعزما على". "ط": "وعزم".
(3) "ك، ط": "قد بدلت ".
(4) وهو قول الزجاج، كما سبق.
(5) "ولهذا" ساقط من "ك، ط ".
544

الصفحة 544