كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
وتأذيه بها وبأهلها، وتعب قلبه بشغله بها، ونحو هذا من المزهدات
فيها. كما قيل لبعضهم: ما الذي أوجب زهدك في الدنيا؟ قال: قلة
وفائها، وكثرة جفائها، وخسة شركائها (1). فهذا زهد ناقص، فلو صفت
للزاهد من تلك العوارض لم يزهد فيها؟ بخلاف من كان زهده فيها
لامتلاء قلبه من الاخرة، ورغبته في الله وقربه؛ فهذا لا نقص في زهده،
ولا علة من جهة كونه زهدا.
الثالث: أن يشهد زهده ويلحظه، ولا يفنى عنه بما زهد لاجله؛ فهذا
نقص أيضا. فالزهد كله أن تزهد في روية زهدك، وتغيب (2) برؤية
الفضل ومطالعة المنة، و ن لا تقف عنده فتنقطع (3). بل أعرض عنه
جادا في سيرك، غير ملتفت إليه، مستصغرا لحاله بالنسبة إلى
مطلوبك (4). مع أن هذه العلة مطردة في جميع المقامات على ما
فيها، كما سينبه () عليه إن شاء الله. فان ربط هذا الشأن بالنصوص
النبوية والعقل الصريج والفطرة الكاملة من أهم الامور، فلا يحسن
بالناصح لنفسه أن يقنع فيه بمجرد تقليد أهله، فما كثر غلطهم فيه،
(ِ) 6
وتحكيمهم لمحيه مجرد الذوق، وجعل حكم ذلك الذوق كليا عاما!
(2)
(3)
(4)
(5)
(6)
ذكره المصنف في مفتاج دار السعادة (429/ 1)، ومدارج السالكين (2/ 32).
"ط": "تغيب عنه".
"ف": "فينقطع"، والصواب ما ثبتنا من "ب، ط". وفي "ك": "منقطع"
تحريف.
"إلى مطلوبك" سقط من "ف".
ضبط في الاصل بالياء، وفي "ب، ك، طإ: "سننته".
"فيه": ساقط من "ب، ك، ط".
547