كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

والجوارح بالاعمال، و ئها مدبرة تحت تسخيره مذللة تحت قهره، و نها
أعجز وأضعف (1) أن تتحرك بدون مشيئته، و ن مشيئته نافذة فيها كما هي
نافذة في حركات الافلاك والمياه والاشجار، و له حرك كلا منها بسبب
اقتضى تحريكه، وهو خالق السبب المقتضي، وخالق السبب خالق
للمسبب، فخالق الارادة الحادثة (2) التي هي سبب الحركة والفعل
الاختياري خالق لهما، وحدوث الارادة بلا خالق محدث محال،
وحدوثها بالعبد بلا إرادة منه محال، وإن كان بإرادة فارادته للارادة
كذلك، ويستحيل هنا (3) التسلسل، فلا بد من فاعل أوجد تلك الارادة
التي هي سبب الفعل. وهنا (4) يتحقق الفقر والفاقة والضرورة التامة إلى
مالك الارادات ورب القلوب ومصرفها كيف شاء، فما شاء أن يزيغه منها
أزاغه، وماشاء أن يقيمه منها أقامه < رينا لا تر! غ قلوبنا بعد! هدئتناوهتث لنا من
ئدنك رضمة إنك أنت ا لوفاب!) [ال عمران / 8].
فهذا هو الفقر الصحيح المطابق للعقل والفطرة والشرع، ومن خرج
عنه وانحرف إلى أحد الطرفين زاغ قلبه عن الهدى، وعطل ملك الملك
الحق وانفراده بالتصرف والربوبية عن أوامره وشرعه وئوابه وعقابهه
وحكم هذا الفقير المضطر إلى خالقه في كل طرفة عين وكل نفس نه
إن حرك بطاعة اونعمة شكرها وقال: هذا من فضل الله ومئه وجوده، فله
(1)
(2)
(3)
(4)
"ط": " ضعف من ان".
"ك، ط": "الجازمة"، تحريف.
كذ في لاصل و"ن". وفي "ف" وغيرها: "بها".
كذا في الاصل وغيره. وفي "ط": "فهنا"، وهو مقتضى سياق الكلام الذي
طال، فسياقه: "فمتى اجتمع له هذا الشهود. . .فهنا يتحقق الفقر".
56

الصفحة 56