كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

التوكل على الله، واللجأ إليه، والتفويض إليه، والاستعانة به. فقد رفض
المخلوق، وتعلق بالخالق، فكيف يقال: إنه تعلق بما رفضه؟
الوجه السابع: ان قوله: "من حيث معتقدك الانفصال " يشير به إلى
أن التوكل نوع تفرقة وانفصال يشهد فيه مع الله غيره، وهذا مناف للفناء
في التوحيد، وأن لا يشهد مع الله غيره أصلا. وهذا قطب رحى السير
الذي يشير إليه القوم، والعلم الذي يشمرون إليه، ولاجله يجعلون كل ما
دونه من المقامات معلولا. ولا بد من فصل القول فيه بعون الله وتاييده،
فإنه نهاية إقدامهم وغاية مرماهم. فنقول وبادده التوفيق:
[أقسام الفناء عند السالكين]
الفناء الذي يشار إليه على ألسنة السالكين ثلاثة أقسام: فناء عن
وجود السوى، وفناء عن شهود السوى، وقناء عن عبادة السوى وارادته؛
وليس هنا قسم رابع (1).
فاما القسم الأول: فهو فناء القائلين بوحدة الوجود. وهو (2) فناء
باطل في نفسه، مستلزم جحد الصانع وانكار ربوبيته وخلقه وشرعه،
وهو غاية الالحاد والزندقة. وهذا هو الذي يشير (3) إليه علماء
الاتحادية، ويسمونه "التحقيق". وغاية أحدهم فيه أن لا يشهد ربا
وعبدا، وخالقا ومخلوقا، وامرا ومأمورا، وطاعة ومعصية؛ بل الامر كله
و حد! فيكون السالك عندهم في بدايته يشهد طاعة ومعصية، ثم يرتفع
(1)
(2)
(3)
وانظر في قسام الفناء هذه مدارج السالكين (222/ 1).
"ك، ط": "فهو".
"ف": "يسير"، تصحيف.
565

الصفحة 565