كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

وما الموج إلا البحر لاشيء غيره وان فرقته كثرة المتعدد (1)
و 1 لقسم] لثاني من أقسام الفناء هو الذي يشير إليه المتأخرون من
أرباب السلوك، وهو الفناء عن شهود السوى، مع تفريقهم بين الرب
والعبد وبين الطاعة والمعصية، وجعلهم وجود الخالق غير وجود
المخلوق.
ثم هم مختلفون في هذا الفناء على قولين: أحدهما: أله الغاية
المطلوبة من السلوك، ومادونه بالنسبة إليه ناقص، ومن هنا يجعلون
المقامات والمنازل معلولة. والقول الثاني: أله من لوازم الطريق لا بد
منه للسالك، ولكن البقاء أكمل منه. وهؤلاء يجعلونه ناقصا ولكن لا بد
منه، وهذه طريقة كثير من المتقدمين. وهؤلاء يقولون: إن الكمال شهود
العبودية مع شهود المعبود، فلا يغيب بعبادته عن معبوده، ولا بمعبوده
عن عبادته؛ ولكن لقوة الوارد وضعف المحل وغلبة استيلاء الوارد على
القلب حتى يملكه من جميع جهاته، يقع الفناء.
والتحقيق أن هذا الفناء ليس بغاية، ولا هو من لوازم الطريق، بل هو
عارض من عوارض الطريق يعرض لبعض السالكين دون جميعهم.
وسببه أمور ثلاثة:
أحدها: قصده وارادته والعمل عليه، فاله إذا علم أله (2) الغاية
المطلوبة شمر سائرا إليه عاملا عليه، فاذا أشرف عليه وقف معه، ونزل
بواديه، وطلب مساكنته، فهؤلاء إلما يحصل لهم الفناء لان سيرهم كان
(1) ذكره شيخ الاسلام في الفتاوى (169/ 2، 372، 474) غير منسوب.
(2) " أنه " ساقط من "ب ".
567

الصفحة 567