كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

على التقديرين. وظهر أن العلة في التوكل لا تخرج عن أحد شيئين: إفا
أن يكون متعلقه حنلا من حظوظك، وإما وقوفك معه وركونك إليه فقط.
فاذا حلص التوكل من هذا وهذا فلا علة تلحقه، ولا نقيصة تدركه.
الوجه العاشر: أن عفة التوكل عنده هي ترك التوكل كما فشره،
فكيف يتوكل في ترك التوكل؟ وهل هذا إلا جمع بين متضادين؟
الوجه الحادي عشر: قوله: " وهو أن تعلم (1) أن الله تبارك وتعالى لم
يترك أمرا مهملا، بل فرغ من الاشياء وقدرها ه وان اختلف منها شيء في
المعقول (2)، أو تشوش في المحسوس، أو اضطرب في المعهود؛ فهو
المدئر له، وشأنه سوق المقادير إلى المواقيت. والمتوكل من أراح نفسه
من كد النظر في مطالعة السبب، سكونا إلى ما سبق من القسمة، مع
استواء الحالين عنده " إلى اخر كلامه.
فيقال: هو سبحانه فرغ من الاشياء وقدرها بأسبابها المفضية
إليها (3)، فكما ن المسببات من قدره الذي فرغ منه، فأسبابها أيضا من
قدره الذي فرغ منه؛ فتقديره المقادير بأسبابها لا ينافي القيام بتلك
الاسباب، بل يتوقف حصولها عليها. وقد سئل النبي! ك! يم فقيل له:
أرأيت أدوية نتداوى بها، ورقى نسترقي بها، هل ترد من قدر الله شيئا؟
فقال: " هي من قدر الله " (4). وسئل جمييه: أعلم أهل الجنة والنار؟ فقال:
(1) كذا في الاصل، "ف، ب". وقد سبق في اول الفصل بصيغة الغائب، وكذا في
"ك، ط".
(2) "ف " وغيرها و"ط ": " العقول ". وانظر التعليق على الكلمة في أول الفصل (1 55).
(3) "ف": "المقتضية لها"، خلاف الاصل.
(4) أخرجه ابن ماجه (3437)، والترمذي (2065) و (2065 - م) و (2148) من=
571

الصفحة 571