كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
1 لوجه الثالث عشر: قوله: " مع استواء الحالين عنده، وهو أن يعلم
أن الطلب لا يجمع، والتوكل لا يمنع " يشير به إلى استواء الحالين في
مباشرة السبب وتركه نظرا إلى ما سبق. وهذا ليس! بمأمور
ولا مقدور (1)، فإله لا تستوي الحالتان شرعا ولا قدرا، وكيف يستوي
ما لم يسوه الله شرعا ولا قدرا؟ (2)
الوجه الرابع عشر: قوله: "الطلب لا يجمع، والتوكل لا يمنع ".
فقد تبين (3) أن التوكل لا ينافي الطلب، بل حقيقة التوكل وكماله:
مقارنته للطلب ومصاحبته للسبب. وأما توكل مجرد عن الطلب
والسبب، فعجز و ماني! فتوكل الحراث لما هو بعد شق الارض
وبذرها، وحينئذ يصح منه التوكل في طلوع الزرع. وأما توكله من غير
حرث ولا بذر، فعجز وبطالة.
الوجه الخامس عشر: قوله: "ومتى طالع بتوكله عرضا كان توكله
مدخولا وقصده معلولا. فاذا خلص من رو هذه الاسباب، ولم يلاحظ
في توكله سوى خالص حق الله، كفاه الله كل مهم" (4). فيقال: التوكل
يكون في أحد شيئين: إما في حصول حظ العبد ورزقه ونصره وعافيته،
واما في حصول مراد ربه منه، وكلاهما عبادة مأمور بها، والثاني أكمل
من الاول بحسب المتوكل فيه. ولكن توكله في الاول لا يكون معلولا
من حيث هو توكل، والما تكون علته أنه صرف توكله إلى ما
(1) " ك، ط ": " معذ ور "، تحر يف.
(2) "وكيف يستوي. . . " إلى هنا ساقط من "ف".
(3) "ك، ط": "بين".
(4) "ك، ط": "كفاه كل مهم".
573