كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
منهما محتاج إلى الشكر والصبر، و له قد يكون صبر الغني أكمل من
صبر الفقير، كما قد يكون شكر الفقير أكمل من شكر الغني. فليس
التفضيل بينهما بالغنى ولا بالفقر، والما هو بالاعمال (1). فافضلهما
أعظمهما شكرا وصبرا، فإن فصل أحدهما في ذلك فصل صاحبه.
فالشكر مستلزم للصبر لا يتم إلا به. والصبر مستلزم للشكر لا يتم إلا
به. فمتى ذهب الشكر ذهب الصبر، ومتى ذهب الصبر ذهب الشكر.
وان كان في بلية ففرضها الصبر والشكر أيضا. أما الصبر فظاهر،
وأما الشكر فللقيام بحق الله عليه في تلك البلية. فإن لله على العبد عبودية
في البلاء، كما له عليه عبودية في النعماء، وعليه أن يقوم بعبوديته في
هذا وهذا، فعلم أله لا انفكالب له عن الصبر ما دام سائرا إلى الله.
الوجه الثالث: أن الصبر ثلاثة أقسام: إما صبر عن المعصية
فلا يرتكبها، واما صبر على الطاعة حتى يؤديها، واما صبر على البلية
فلايشكو ربه فيهاه واذا (2) كان العبد لابد له من واحد من هذه
الثلاث (3)، فالصبر لازم له أبدا، لا خروج له عنه البتة.
الوجه الراببع: أن الله تعالى ذكر الصبر في كتابه في نحو تسعين
موضعا (4)، فمرة أمر به، ومرة أثنى على أهله، ومرة مر نبيه أ ن
(1) "من شكر الغني. ." إلى هنا سافط من "ط".
(2) في "ط": "وان"، وصحح في القطرية.
(3) كذا في الاصل وغيره. وفي "ط": "الثلاثة". وقد غتر بعضهم في "ك" في
النصت ليكون "الثلاثة".
(4) كذا نقله المولف في مدارج السالكين (183/ 2) عن الامام أحمد. وعنه في
المدارج أيضا (1/ 174) قال: "أو بضعا وتسعين ". وانظر أيضا: عدة الصابرين
(115)، و 1 لفتاوى (39/ 10). وهي ثلاثة ومائة موضع حسب المعجم=
577