كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

الوجه التاسع: قوله: "والثاني: الصبر، وهو نوع سهولة تخفف على
المبتلى بعض الثقل، وتسهل عليه صعوبة المراد، وهو الصبر لله، وهو
صبر المريدين ".
فقد تقدم أن الصبر ثمرة التصبر، وكلاهما إنما يحمد إذا كان لله.
وإنما يكون إذا كان بادله، فما لم يكن به لا يكون، ومالم يكن له لا ينفع
ولا يثمر؛ فكلاهما لا يحصل للمريد السالك مقصوده إلا أن يكون بادله
ودده. قال تعالى في الصبر به: <و صبر وما رل إلا بالدة > [النحل/
127]. وقال في الصبر له: < واضبزِ لحكمرئك) [الطور/ 48].
واختلف الناس أي الصبرين أعلى و فضل: الصبر له، أو به؟ فقالت
طائفة منهم صاحب كتاب (1) منازل السائرين: "و ضعف الصبر الصبر
لله، وهو صبر العامة. وفوقه الصبر بادله، وهو صبر المريد، وفوقهما
الصبر على الله، وهو صبر السالك " (2).
ووجه هذا القول أن الصبر لله (3) هو صبر العابد الذي يصبر نفسه لامر
الله طالبا لمرضاته وثوابه، فهو صابر على العمل، صابر عن المحرمات.
و ما الصبر به فهو تبرو من الحول والقوة، وإضافة ذلك إلى الله عز وجل
وهو صبر المريد. و ما الصبر على الله فصبر السالك على ما تجيء به
أقداره (4) و حكامه.
والصواب أن الصبر لله أكمل من الصبر به، فان الصبر له متعلق
(1) "كتاب " ساقط من "ب، ك، ط ".
(2) انظر: منازل السائرين (39)، ومدارج السالكين (2/ 199).
(3) "وهو صبر المريده. . " إلى هنا ساقط من "ط".
(4) "ط": "يجيء به متعلق أقداره ".
585

الصفحة 585