كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
ومنها: أنه يحرم حلاوة الطاعة، فاذا فعلها لم يجد أثرها في قلبه من
الحلاوة والقوة ومزيد الايمان والعقل والرغبة في الاخرة، فان الطاعة
تثمر هذه الثمرات ولا بد.
ومنها: ألها (1) تمنع قلبه من ترحله من الدنيا ونزوله بساحة القيامة.
فان القلب لا يزال مشتتا مضيعا حتى يرحل من الدنيا وينزل في الاخرة،
فاذا نزل فيها أقبلت إليه وفود التوفيق والعناية من كل جهة، واجتمع على
جمع أطرافه وقضاء جهازه وتعبئة زاده ليوم معاده. وما لم يترحل إلى
الاخرة ويحضرها فالتعب والعناء والتشتت والكسل والبطالة لازمة له لا
محالة.
ومنها: إعراض الله وملائكته وعباده عنه. فان العبد إذا أعرض عن
طاعة الله واشتغل بمعاصيه أعرض الله عنه، فأعرضت عنه ملائكته
وعباده؛ كما أله إذا اقبل على الله أقبل الله عليه واقبل بقلوب حلقه إليه.
ومنها: أن الذنب يستدعي ذنبا اخر، ثم يقوى أحدهما بالاخر،
فيستدعيان ثالثما، ثم تجتمع الثلاثة، فتستدعي رابعا، وهلم جرا، حتى
تغمره ذنوبه، وتحيط به خطيئته. قال بعض السلف: "إن من ثواب
الحسنة الحسنة بعدها، ومن عقوبة السيئة السيئة بعدها". (2).
ومنها: علمه بفوات ما هو أحب إليه وخير له منها من جنسها وغير
جنسها. فاله لا يجمع الله لعبده بين لذة المحرمات في الدنيا ولذة ما في
الاخرة، كما قال تعالى: <ودؤم دغرض ائذفي كفروا على لنار أذهئتم لننكؤ فى
(1) "ك، ط":"ان".
(2) نسبه شيخ الاسلام إلى سعيد بن جبير. انظر: مجموع الفتاوى (10/ 11).
594