كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
يمقله حمله ويضره ولا ينفعه، حريص على الانتقال بخير ما بحضرته.
فليس للقلب (1) انفع من قصر الامل، ولا ضر من التسويف وطول الأمل.
السبب التاسع: مجانبة الفضول في مطعمه ومشربه وملبسه ومنامه
واجتماعه بالناس. فان قوة الداعي إلى المعاصي إلما تنشأ (2) من هذه
الفصلات، فالها تطلب لها مصرفا، فيضيق عليها المباع، فتتعذاه إلى
الحرام، ومن أعظم الاشياء ضررا على العبد بطالته وفراغه، فان النفس
لا تقعد فارغة، بل إن لم يشغلها بما ينفعها شغلته بما يضره ولا بد.
السبب العاشر، وهو الجامع لهذه الأسباب كلها، وهو (3): ثبات
شجرة الايمان في القلب. فصبر العبد عن المعاصي إلما هو بحسب قوة
إيمانه، فكلما كان إيمانه أقوى كان صبره أتم، وإذا ضعف الإيمان
ضعف الصبر. فان من باشر قلبه الايمان بقيام الله عليه، ورويته له،
وتحريمه لما حرم عليه، وبغضه له، ومقته لفاعله؛ وباشر قلبه الإيمان
بالثواب والعقاب والجنة والنار= امتنع منهإ4) أن لا يعمل بموجب هذا
العلم. ومن ظن أله يقوى على ترك المخالفات والمعاصي بدون الايمان
الراسخ الثابت!)، فقد غلط. فاذا قوي سراج الايمان في القلب،
وأضاءت جهاته كلها به، و شرق نوره في أرجائه؛ سرى ذلك النور إلى
الأعضاء، وانبعث إليها، فأسرعت الاجابة لداعي الايمان، وانقادت له
(1) "ط":"للعبد"،تحريف.
(2) "ف، ب":"ينشا".
(3) (وهو" ساقط من "ك، ط ".
(4) "ط ": "من ".
(5) "ب": "الثابت الراسخ ".
597