كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
من البليات.
ولكن يحمد في الحزن سببه ومصدره ولازمه، لا لذاته. فان المؤمن
إما ن يحزن على تفربطه وتقصيره في خدمة ربه وعبوديته، واما ن يحزن
على تورطه في مخالفته ومعصيته وضياع أيامه و وقاته. وهذا يدل على
صحة الايمان في قلبه وعلى حياته، حيث شعر (1) قلبه بمثل هذا الالم،
فحزن عليه. ولو كان قلبه ميتا لم يحس بذلك، ولم يحزن، ولم يتألم،
فما لجرع بميت إيلام (2). وكلما كان قلبه أشذ حياة كان شعوره بهذا
الالم اقوى، ولكن الحزن لا يجدي عليه، فاله يضعفه، كما تقدم. بل
الذي ينفعه أن يستقبل السير، ويجد، ويشمر، ويبذل جهده.
وهذا نظير من انقطع عن رفقته في السفر، فجلس في الطريق حزينا
كئيبا يشهد انقطاعه وسبق رفقته، فقعوده لا يجدي شيئا. بل إذا عرف
الطريق فالاولى له أن ينهض، ويجد في السير (3)، ويحدب نفسه
باللحاق بالقوم. وكلما (4) فتر وحزن حدث نفسه باللحاق برفقته،
ووعدها - إن صبرت - أن تلحق بهم، وتزول عنها وحشة الانقطاع.
فهكذا السالك إلى منازل الابرار، وديار المقربين.
(1)
(2)
(3)
(4)
"ب": "فقرن بين"، تحريف.
"ك، ط": "شغل"، تحريف.
من قول المتنبي (ديوانه 245):
من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرع بمئت إيلام
"وسبق رفقته. 5 5" إلى هنا ساقط من "ب، ك، ط". وقد استدركها بعضهم في
حاشية "ك".
"ك، ط": "فكلما".
608