كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

تجريد صحيح؛ ولكن على صاحبه إثبات الاسباب، فإن نفاها عن كونها
اسبابا فسد تجريده.
وقوله في الدرجة الثانية: "تجريد عين الجمع عن درك العلم ". لما
كانت الدرجة الاولى تجريدا عن الكسب وانتهاء إلى عين الجمع الذي
هو الغيبة (1) بتفرد الرب بالحكم عن إثبات وسيلة أو سبب، اقتضت
تجريدا اخر اكمل من الأول، وهو تجريد هذا الجمع عن علم العبد به.
فالأولى تجريد عن رؤية السبب والفعل، والثانية تجريد عن العلم
والادراك. وهذا يقتضي أيضا تجريدا ثالثما أكمل من الثاني وهو تجريد
التخلص من شهود التجريد، وصاحب هذا التجريد الثالث في عين
الجمع قد اجتمعت همته على الحق، وشغل به عن ملاحظة جمعه وذكره
وعلمه به. قد ستغرق ذلك قلبه، فلا سعة فيه لشهود علمه بتجريده
ولا شعوره به، فلا التفات له إلى تجريده؛ ولو بقي له التفات إليه لم
يكمل تجريده.
ووراء 2 هذا كله تجريد نسبة هذا التجريد إليه كشعرة من ظهر
(3)
بعير إلى جملته، وهو: تجريد الحب والارادة عن تعلقه بالسوى،
وتجريده عن العلل والشوائب والحظوظ التي هي مراد النفس؛ فيتجرد
الطلب والحمث عن كل تعلق يخالف مراد المحبوب، فهذا تجريد
الحنيفية. والله المستعان، وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا به.
(1)
(2)
(3)
الاصل غير منقوط، وكذا في "ن".
ورجحت قراءة "ك "، وكذا في"ط".
" ك ": "وو رى ".
" ك ": " جمل ".
وفي " ف ": " ا لعنية "، و يحتمل: " ا لغنية "،
64

الصفحة 64