كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

فصل
[في الغنى وانقسامه الى عال وسافل]
ولما كان الفقر إلى الله عزوجل هو عين الغنى به، فأفقر الناس إلى الله
أغناهم به، و ذلهم له أعزهم، و ضعفهم بين يديه أقواهم، و جهلهم عند
نفسه أعلمهم بالله، و مقتهم لنفسه أقربهم إلى مرضاة الله = كان ذكر
الغنى بالله مع الفقر إليه متلازمين متناسبيبئ، فنذكر فصلا نافعا في الغنى
العالي.
واعلم أن الغنى على الحقيقة لا يكون إلا لله (1) الغني بذاته عن كل ما
سواه، وكل ماسواه فموسوم بسمة الفقر، كما هو موسوم بسمة الخلق
والصنع. فكما (2) أن كونه مخلوقا مز ذاتي له، فكونه فقيرا أمر ذاتي له،
كما تقدم بيانه (3). وغناه أمر نسبي إضافي عارض له، فاله إلما استغنى
بامر خارج عن ذاته، فهو غني به فقير إليه. ولا يوصف بالغنى على
الاطلاق إلا من غناه من لوازم ذاته، فهو (4) الغني بذاته عما سواه، وهو
الاحد الصمد الغني الحميده
والغنى قسمان: غنى سافل، وغنى عال، فالغنى السافل: الغنى
بالعوارفي المستردة من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب
والفضة والخيل المسومة والانعام والحرث، [12/ا] وهذا أضعف الغنى؛
(1)
(2)
(3)
(4)
"ط":"بالثه".
"ك، ط":"وكما".
انظر ما سلف في ص (12).
"ف": "وهو"، خلاف الاصل، وكذا في"ن".
65

الصفحة 65